السبت، 30 أغسطس 2008

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه **** وصدق ما يعتاده من توهم


مما يحزن المرء إن هذا الأمر قد فشى بين المسلمين عامة و انتشر فيهم انتشار النار في الهشيم إلا من رحم الله فصار سوء الظن مقدما على الإحسان بل ربما لم يعد للظن الحسن محل في بعض القلوب حتى شرع أصحابها يفسرون الأمور كيفما يشاءون وينظرون لغيرهم نظرة اتهام وشك وريبة نظرة مبينة على أسس واهية وأوهام وظنون سيئة ووساوس شيطانية ربما غذيت بخلافات شخصية ونمت في ظل حقد أو حسد و ترعرعت في غيرة سواء من أمر ديني أو دنيوي وقد يكون سوء الظن لغير ذلك من الأسباب فيأخذ الجهل منه نصيبا كبيرا وربما غيره وغيره 0 وأيا كانت الأسباب فيبقى سوء الظن صورة سيئة وفعل مذموم قبيح يشين صاحبه ما لم يكن هناك دلائل قوية تعضده وبراهين تؤكده ترقى به من الظن إلى اليقين 0 لذا نقول لكل من وقع في مثل ذلك اتق الله في نفسك وفي أخوتك وأحسن الظن بهم وألتمس لهم الأعذار ما استطعت لذلك سبيلا فإن لم تجد لهم عذرا فلُم نفسك أن عجزت عن إعذار أخوتك واتهم نفسك بالتقصير 0 كما ونحذر أولئك من إلقاء التهم على أخوتهم جزافا وليُعلم أن هذا الفعل خلق ذميم منبوذ وهو من خصال الشر المولدة للعداوة والبغضاء والحقد والكراهية 0 وقد دعا ديننا إلى إحسان الظن بالمسلم عموما بل و من الواجب على كل منا الذب عن عرض أخيه والدفاع عنه إن انتقص منه أو أغتيب فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار )) فأحذر الشيطان ومسالكه ودروبه وحبائله وشراكه فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم فلا تجعل له عليك سبيلا يتسلط بوساوسه يغريك في أخوتك لتسيء الظن بهم و تتهمهم في نيتهم تفسر كلامهم على غير المراد تُأولُه وفق ما يناسب هواك تًحمل أقوالهم على غير المقصود وتُحمِل حديثهم ما لا يَحتمِل تترك الحبل على الغارب للشيطان ليرديك المهالك فتطعن بهذا وتقذف ذاك وتأكل لحم أخيك تنتهك حرمته وتذبح تحت قدميك كرامته تطلق للسانك العنان وعينيك تتبع عثرات وزلات الإخوان وإن لم يكن هناك ثمّ عثرة أو زلة لكن هكذا أصبحت وأمسيت تبصر القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عين نفسك شغلتك عيوب الناس عن عيوب نفسك المزكاة 0 وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفا في النار )). فاتق الله يا هذا اتق في نفسك وفي أخوتك و اتقِ الظلم، فانه ظلمات يوم القيامة و عند الله تجتمع الخصوم يوم لا دينار ولا درهم وتكون حينها من المفلسين وينطبق عليك ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: ( ( أتدرون ما المفلس إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار )). فللإخوة حقوق كثيرة يجب عليك رعايتها ومراعاتها وعدم التفريط بها إن كنت تدعي أنك أخٌ في الله لأخوتك محب مشفق فالحقوق كثيرة فتعلمها إن كنت تجهل واعرفها حق المعرفة واحفظها حفظك لإسمك وطعامك وشرابك فلا تفرط بها واعلم أنه كما تدين تدان وأن الجزاء من جنس العمل ولن يسعني المجال هنا لأسردها لك لكن أذكرك فقط بما جاء في الحديث الحسن أن (( أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا أو تقضي عنه دينا أو تطعمه خبزا )). فهل فعلت شيئا من ذلك أم أدخلت على أخيك هما وغما وحزنا وألما وطعنته من حيث يأمنك ووجهت له سهام الغدر من حيث أطمأن لك 0 كيف بك لو كنت مكانه وفي مثل حاله هذا أقله تخيل نفسك في موقفه ونظرات وعبارات سوء الظن قد أحاطت بك من كل حدب وصوب دون أن يكون لها وجود إلا في خيال الظان ووساوسه وأوهامه 00 فقط تخيل نفسك ربما وضح لك الأمر جليا لو شعرت أو شربت من كأس أسقيته غيرك مرا وحنظلا 0 فاحرص على نفسك فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب فإنها تحمل على الغمام يقول الله وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين وتصعد إلى السماء كأنها شرارة. وانظر لقول عمر رضي الله عنه: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك منه ما يغلبك ، ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا 0 وما أحسن ما أخرجه الرافعي عن أبي اسحاق السبيعي من انه قال : كان علي بن أبي طالب يذاكر أصحابه وجلساءه في حسن الأدب بقوله : وكن معدنا للخير واصفح عن الأذى **** فإنك راء ما عملت وسامع وأحبب إذا أحببت حبا مقاربـــــــــــا **** فانك لا تدري متى أنت نازع وأبغض إذا أبغضت بغضا مقاربـــــا **** فانك لا تدري متى الحب راجع وأختم : بجزء من نصيحة علي رضي الله لإبنه الحسن رضي الله عنه يعظه وذكره حيث يقول : وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أم قبيحة، وساعده على كل حال، وزل معه حيث زال، ولا تطلبن منه المجازاة، فإنها من شيم الدناءة، وخذ على عدوك بالفضل، فانه أحرى للظفر. لا تصرم أخاك على ارتياب، ولا تقطعه دون استعتاب، ولن لمن غالظك فانه يوشك أن يلين لك، ما أقبح القطيعة بعد الصلة، والجفاء بعد اللطف، والعداوة بعدالمودة، والخيانة لمن ائتمنك، وخلف الظن لمن ارتجاك، والغرر بمن وثق بك! وان أردت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك بقية، ومن ظن بك خيرا فصدق ظنه، ولا تضيعن بر أخيك اتكالا على ما بينك وبينه، فانه ليس باخ من أضعت حقه0 وأخير نذكر بقوله تعالى : (( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا )) فلا تؤذ أحد من أخوتك فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده تنام عيناك والمظلوم منتبهٌ **** يدعو عليك وعين الله لم تنم فبالله عليك كيف تجرؤ على أن تبيت ظالما ؟ ! هذا وما كان من خطأٍ أو تقصير أو نسيان فمن نفسي والشيطان وما كان من إصابة وإحسان فمن الله الواحد الديان فله الحمد والمنة 0 هذا والله أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وسلم

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Love is...
© أنا لا أدعي الكمال ... ولكني أعترف بالتميز - Template by Blogger Sablonlari - Font by Fontspace